مقالات

اللغة العربية … اختلافُ لسانٍ وثباتُ بيان

اللغة العربية ... اختلافُ لسانٍ وثباتُ بيان

اللغة العربية … اختلافُ لسانٍ وثباتُ بيان

بقلم/ الأستاذ الدكتور أحمد الشرقاوي
رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم
بقطاع المعاهد الأزهرية

إن ثقافة االوعى بأهمية اللغة العربية، واستبقاء أصولها وقواعدها، وبيان منزلتها ورفعة مكانتها بين لغات العالم أمر يستلزم – قطعًا- إيمان أهلها بدوام نشرها في الأوساط المختلفة، والالتزام بها في الأقوال والأفعال، وبيان ضروبها وفنونها، وتناقل مفرداتها ومعارفها من الأجداد إلي دوائر الأمجاد، في ساحات المؤتمرات والمنتديات وسائر التصرفات، فضلًا عن بيان جمالها في تهذيب الأنماط الحياتية وترقيق الطباع الإنسانية، فما أحوجنا إليها الآن في مرونة الحديث، وجمال المنطق، ولين الكلام، وتقارب الأجناس، وتعارف الشعوب والقبائل، وجمع الكلمة، ودوام الألفة، وتوحيد الأمة، وإظهار الوحدة، واستدامة القوة والمنعة، وتناقل المعرفة العامة بين الناس كافة، من هنا فقد وجب التأكيد على ضرورة تعلم العربية، ونشر ثقافتها في مجال التعليم والتعلم، بيانًا لأهميتها، وتعظيمًا لقدرها وعلو شأنها، في وجدان ويقين أبناء المجتمع بأكمله، تقديرًا وتوقيرًا، إجلالًا لها واعتزازًا بها، فاللغة العربية هي أداة التخاطب بين الناس كافة ومفتاح الفهم والبيان، قال الله تعالي:﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 1 – 4]، فاللغة العربية أرفع اللغات قدرَا وأعلاها منزلة، فهي لغة القرآن ومفاتيح فهمه، وأداة بيانه، ووسيلة بلاغه، فمن تعلمها فقد صان حديثه من الخطأ، وحفظ كلامه من الزلل، وفهم مراد ربه من خطابه وكلامه، وحكمته من إنزال كتبه، ومقصوده من إرسال رسله، فهي أرسخ اللغات ثباتًا وأوسعها بيانًا، ولقد حفظها الله بحفظ كتابه، فقال تعالي:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾[الحجر: 9]، وهي أية من آيات الله – سبحانه- في اختلاف اللسان وثبات البيان، الدالة على عظيم قدرته، ورفعة بيانه، وجمال إبداعه، وإتقان صنعته، واختلاف خلقه في ألسنتهم وألوانهم، مع ثراء حديثهم، وجميل بيانهم، وتعدد لهجاتهم، وكثرة مفرداتهم، وتنوع معارفهم، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ﴾[ الروم: 22]، كما أن اللغة العربية لها المنزلة العظيمة والمكانة العالية الرفيعة من حيث كونها لغة القران الكريم، الذي نزل على النبي الأمين – صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: ﴿ إنَّا أنزلناه قُرآنًا عربيًّا لعلَّكم تعقلون ﴾ [ يوسف: 2]، وقال أيضًا : ﴿ إنَّا جعلناهُ قرآنًا عربيًّا لعلّكم تعقلون ﴾ [الزّخرف:3]، وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْه- قَالَ: ” ‌تَعَلَّمُوا ‌الْعَرَبِيَّةَ، فَإِنَّهَا تَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ “( شعب الإيمان 3/ 210)، وكتب إلى أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – فقال: “تفقَّهوا في السُّنَّة، وتفقَّهوا في العربية، وأعْرِبوا القرآن فإنَّه عربي”، وروى داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: ” لسان أهل الجنة عربي”، وقال سليمان بن عبد الملك: ” العاقل أحرص على إقامة لسانه منه على طلب معاشه” [ المجالسة لابن قتيبة 4/477]، وقال ابن شبرمة: ” إذا سرك أن تَعْظُمَ في عين من كنت في عينه صغيرًا ويصغر في عينك من كان في عينك عظيمًا فتعلَّمِ العربية فإنها تُجريك على المنطق وتُدنيك من السلطان” (عيون الأخبار 2/ 172)، ويقول الإمام الشافعي – رحمه الله- وهو بصدد تصنيَفه للعلوم قدرًا وشرفًا: ” من تعلَّم القرآنَ والتفسير عظُمَت قيمتُه، ومن نظر في الفقه نَبُل مقدارُه، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في الحساب جزُل رأيه، ومن نظر في اللّغة رَقَّ طبعُه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه“(الإمام المزني عن الإمام الشافعي).

 وبناء على ما تقدم أقول : ينبغى أن تبذل المؤسسات التعليمية ودُور التعليم المختلفة كل ما في وسعها من جهد وطاقة في بيان أهمية اللغة العربية، على نحو يدرك معه الناس في المجتمعات الإنسانية والبلاد العربية والإسلامية جلال اللغة العربية وجمالها، وعلو شأنها ومنزلتها، وكريم فضلها ورقّة طباع أهلها، فضلًا عن ثراء علومها وفنونها، ومتانة مبانيها وتنوع ضروبها ومعانيها.

الأستاذ الدكتور/ أحمد الشرقاوي
رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم
بقطاع المعاهد الأزهرية..لأخبار الشعوب
الأستاذ الدكتور/ أحمد الشرقاوي
رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم
بقطاع المعاهد الأزهرية..لأخبار الشعوب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى