علاء سليم يكتب ماذا لو..!؟ إيران تُغلق مضيق هرمز.. واليمن تُغلق باب المندب؟

علاء سليم يكتب ماذا لو..!؟ إيران تُغلق مضيق هرمز.. واليمن تُغلق باب المندب؟
الشعوب.. في عالمٍ متأرجح فوق حبال التوتر السياسي والعسكري، يبقى البحر شاهدًا صامتًا على صراعات لا تهدأ. لكن، ماذا لو قررت إيران فجأة إغلاق مضيق هرمز؟ وماذا لو لحق بها الحوثيون في اليمن، فقرروا إغلاق باب المندب؟
نحن هنا لا نطرح احتمالًا بعيدًا، بل سيناريو قابلاً للتنفيذ في أي لحظة، لو تحركت الرياح في الاتجاه الخاطئ.
■ خنق الشريان العالمي للطاقة
مضيق هرمز، الذي تمر منه قرابة 30% من صادرات النفط العالمية المنقولة بحرًا، ليس مجرد ممر مائي؛ بل شريان يضخ الحياة في الاقتصاد العالمي. إغلاقه يعني ارتفاعًا حادًا في أسعار النفط، ارتباكًا في الأسواق، وربما كسادًا اقتصاديًا عالميًا.
وباب المندب، بوابة البحر الأحمر نحو قناة السويس، ليس أقل خطورة؛ فإغلاقه يعني شل حركة التجارة بين أوروبا وآسيا، وتعطيل الملاحة في قناة السويس، التي تُعد أحد أهم مصادر الدخل لمصر.
■ الحلفاء على خط النار
لو حدث هذا السيناريو، فإن واشنطن لن تقف متفرجة، ولا الرياض، ولا حتى تل أبيب. إيران تعرف تمامًا أن أي خطوة في هذا الاتجاه قد تُشعل فتيل مواجهة عسكرية إقليمية قد تتدحرج لتصبح حربًا شاملة، بينما الحوثيون في اليمن قد يجدون أنفسهم في قلب الإعصار، مدفوعين بأجندات تتجاوز حدود اليمن نفسه.
■ بين نار الحرب وهاوية الاقتصاد
العالم في مثل هذا السيناريو سيكون أمام خيارين أحلاهما مُر: إما التصعيد العسكري المكلف والمفتوح على احتمالات الفوضى، أو البحث عن حلول دبلوماسية سريعة في وقت لا يبدو فيه أن أحدًا مستعد للجلوس إلى طاولة الحوار.
الأسواق ستشتعل، والحكومات ستتأهب، وطرق الملاحة البديلة ستكون محدودة، ولا تستطيع استيعاب الضغط العالمي.
■ الزاوية الإنسانية.. حيث الألم الصامت
في قلب هذا التصعيد، هناك إنسان بسيط لا علاقة له بالسياسة ولا بالنفط ولا بالممرات، سيدفع الثمن غاليًا:
الطفل اليمني الذي وُلد في ظل حرب مستمرة، سيجد نفسه بلا غذاء ولا دواء، بعد أن توقفت السفن المحملة بالمساعدات في عرض البحر.
المريض في إفريقيا أو آسيا الذي يعتمد على شحنة دواء قادمة من أوروبا، ستتأخر عنه أو لن تصل أبدًا، لأن السفن غير قادرة على المرور.
الأسرة العربية محدودة الدخل التي سترى أسعار الوقود والسلع تقفز فجأة، بينما لا تقفز معها رواتبهم.
اللاجئ العالق في عرض البحر، الذي كان يبحث عن فرصة حياة، سيُغلق في وجهه البحر مرتين؛ مرة بالحرب، ومرة بالخوف.
هؤلاء لا يظهرون في نشرات الأخبار، ولا يجلسون في المؤتمرات الدولية، لكنهم الوجه الحقيقي للمعاناة.
الممرات المائية ليست فقط ممرات للسفن، بل ممرات للحياة، ولحظوظ البقاء، ولحليب الأطفال وجرعة العلاج.
“ماذا لو” ليست مجرد لعبة خيال، بل ناقوس إنذار.
وحدها الحكمة السياسية، والحوار الصادق، والتوازنات الدقيقة، هي التي قد تمنع هذا السيناريو الكارثي من أن يصبح واقعًا.
لكننا نعيش في زمنٍ أصبح فيه الجنون سلاحًا، والتصعيد لغة، والممرات البحرية رهائن لصراعات لا ترحم.
فليتذكر صانعو القرار أن الحرب لا تبدأ من البحر، بل تنتهي في حضن امرأة ثكلى، أو في عيون طفل جائع.. أو في صمت إنساني موجع لا يعترف به أحد.

إيران تُغلق مضيق هرمز.. واليمن تُغلق باب المندب؟