الحق والخير والجمال : أخلاقيات المصري القديم

الحق والخير والجمال : أخلاقيات المصري القديم
بقلم : د/ هاله فؤاد
الحضارة المصرية القديمة هي أصل وأم الحضارات ، قامت على ضفاف النيل وتمتد جذورها إلى حوالي خمسة اآلاف سنة .
تعددت مظاهر الحضارة الفرعونية من فنون العمارة الزاهرة التي تشهد عليها الأهرامات والمعابد والمسلات ، إلى الآداب والفنون المتمثلة في إختراع الكتابة الهيروغليفية ، وإستخدامهم أوراق البردي في كتاباتهم المتعددة من قصص وروايات وكتب في الأدب الديني الذي يتناول الحياة الآخرة ، والأساطير .
كما برعوا في الموسيقى التي إستخدموها في صلواتهم على الموتي .
بالاضافة إلى براعتهم في الطب ، فاهتموا بالصحة العامة ، والتشريح والجراحة ، وإستخدام الأعشاب في وصفاتهم العلاجية، وظهرت أول طبيبة في التاريخ ( بتاح) التي وصفت على قبرها بأنها رئيس الأطباء .
إن الأخلاق هي البنية التحتية لأي نهضة ولأي حضارة، وهذا ماجعل الحضارة المصرية خالدة .
فالمصري القديم لم يكن يهتم فقط بالعلوم والفنون والطب والعمارة ، بل اهتم أيضا بالأخلاق والضمير الذي ينبع من داخله
لايفرض عليه بالقانون .
وكان للدين في مصر القديمة مكانة كبيرة ، وهو المحورالذي إتخذه المصري القديم أساس لحياته وسلوكياته اليومية .
كان النظام الديني يأتي من تعاليم ماعت وحضورها الدائم في توازن العالم الأخلاقي .
ولكن من هي ماعت ؟
ماعت هي إلهة الحق والعدالة والنظام الكوني ، وقد كانت علي هيئة إمرأة ترتدي ريشة النعام على رأسها وهي ترمز إلى الخفة والحق و العدالة ، وهي أيضا الريشة التي كان يوزن بها قلب الميت في محكمة الآخرة أمام أوزيريس .
وأسس ماعت هي : العيش بالصدق والعدالة .، إحترام النظام الطبيعي والقانون، التوازن بين المادة والروح .
إذا نظرنا إلى مبادئ ماعت ال ٤٢ وهي مجموعة من المبادى الأخلاقية والسلوكية التي كانت تتلى من قبل المتوفي لإبراء ذمته من تلك الخطايا ، نستطيع أن نتعرف على أخلاقيات المصري القديم .
أمثلة على مبادئ ماعت :
لم أرتكب خطيئة، لم أقتل رجالا أو نساء ، لم أكذب ، لم أسرق ، لم أعتد على أحد ،لم ألوث الماء ، لم أخطف لقمة من فم طفل ، لم أتسبب في بكاء الآخرين ، أنا لم أتصرف بوقاحة ، أنا لم أشتم أحد بكلمة أو فعل، أنا لم أضع نفسي موضع شبهات ، أنا لم أفعل الشر ، أنا لم أتحدث بغضب أو إستعلاء ، أنا لم أتدخل فيما لايعنيني ، أنا لم أستخدم الأفكار أو الكلمات أو الأفعال الشريرة، أنا لم أتحدث بالمبالغة ، أنا لم أتصرف على عجل أو بدون تفكير ، أنا لم أهدد السلام ، أنا لم أتصرف بعنف ، أنا لم أتمادى في الغضب ، أنا لم أخالف القانون ، أنا لم أرهب أحدا ، أنا لم أغوي زوجة أحد ، أنا لم ألوث نفسي ، أنا لم أتهم أحدا زورا ، أنا لم أرتكب الزنا ، أنا لم أغلق أذني على الحقيقة ، أنا لم أخطف الطعام ، أنا لم أسرق الطعام ، أنا لم أرتكب السرقة بالعنف .
إذا نظرنا إلى اليوم ، نجد سرقة بالاكراه ، عنف في كل مكان ، الشتائم بألفاظ نابية ، إيحاءات لا أخلاقية ، إرهاب الناس ، التعدي على حرمات الغير ، الغضب على أتفه الأسباب ، النفاق ، الكذب ، الافتراء على الآخرين وإتهامهم زورا وبهتانا ، التنمر على الآخرين الذي دفع بعضهم إلى الانتحار.
المصري القديم يتبرأ من المصري الحديث .
فما رأيكم ؟
في إنتظار تعليقاتكم .




