البيان الثاني: عما يشبه الشعر الرواية الشعرية المكثفة – رحلة التجريب والمخاض

البيان الثاني: عما يشبه الشعر
الرواية الشعرية المكثفة – رحلة التجريب والمخاض
بقلم: السيد حافظ
هذا البيان الثاني يأتي مكمّلاً للأول، مركزاً على:
1. التحديات الفنية للجنس الأدبي الهجين
2. الحوار مع القارئ والنقد
3. الأسئلة المفتوحة لمستقبل هذا الشكل
4. التوجيه لمن يريدون خوض التجربة
مع الحفاظ على النسق الشعري والفلسفي للبيان الأصلي
البيان الثاني
في زمنٍ صار فيه الأدب يستجدي انتباه القارئ من بين بريق الشاشات،
وفي زمنٍ باتت فيه الكلمات تغرق في محيط الصخب،
كان لا بد للشكل الجديد أن يثبت جذوره في تربة المعنى…
أن يكون صرخة في وجه الابتذال، ومقاومةً ضد تيار اللامبالاة.
❖ كيف تكتب الرواية الشعرية المكثفة؟
ليست وصفةً تُتبع، ولا قالباً يُنسخ،
بل هي رحلةٌ في أعماق اللغة والوجدان.
مساحةٌ حيث يذوب السرد في القصيدة،
وتنصهر الحكاية في ومضة الصورة.
هي بناءٌ هشٌّ كخيط العنكبوت،
قويٌّ كصخرةٍ تحمل أسرار العصور.
تتطلب جرأةً لاقتحام المسكوت عنه،
وصبراً لصياغة الوجع بلغة الضوء.
** تحديات الكائن الهجين:
– كيف نحافظ على إيقاع الشعر دون أن نخنق السرد؟
– كيف نبني عالماً روائياً في مساحة القصيدة؟
– كيف نصنع من التكثيف عمقاً لا إيجازاً؟
– كيف نروي بالغياب أكثر مما نروي بالحضور؟
لقد اكتشفتُ أن المفتاح يكمن في **الثقة بالقارئ**،
في ترك الفراغات التي يملؤها بدمائه،
في الكتابة بنصف الكلمة ليُكمل هو النصف الآخر.
## ❖ “عما يشبه الشعر” بين النقد والقارئ:
بعضهم قال: “هذا تشويه للفنون!”
وآخرون رأوا فيه “تحريراً للأنواع من سجنها”.
أما أنا فأقول:
لقد جاءت هذه الكتابة من رحم الحاجة،
وليس من رحم النظرية.
القارئ وحده هو حَكَمُها،
فهو من يقرأ بنظرة العقل وبنبض القلب معاً.
أسئلة تبحث عن إجابات:
هل يمكن أن تصبح الرواية الشعرية وطناً للمهمشين؟
هل تقدر أن تكون صوتاً للجراح التي لا تنزف دماً بل ضوءاً؟
هل ستتحمل عبء الأسئلة الوجودية في زمنٍ يلهث وراء اليقينيات السطحية؟
❖ إلى من سيجرّبون هذا الطريق:
لا تكتفوا بمحاكاة الشكل،
فالأهم من الشكل هو **الروح التي تسكنه**.
لا تخافوا من كسر القواعد،
لكن احترموا قدسية اللغة.
لا تبحثوا عن الجماهير،
بل اكتبوا للقارئ الذي يقرأ بجميع حواسه.
❖ كلمة أخيرة:
لم أكتب البيان الأول إلاّ كخريطة أولية،
وأكتب هذا البيان الثاني كاعترافٍ بصعوبة الرحلة.
فالرواية الشعرية المكثفة ليست حلاً جاهزاً،
بل هي **سؤالٌ متجدد** يطرح نفسه مع كل صفحة بيضاء.
إنها رهانٌ على قدرة الكلمة على النهوض من بين الركام،
وإيمانٌ بأن الأدب ما زال قادراً على إنقاذنا
ممن نكون،
ومما صرنا إليه.
السيد حافظ
الهرم – القاهرة
يوليو 2025

الرواية الشعرية المكثفة – رحلة التجريب والمخاض
.