السياسة

قافلة الضجيج بلا طحين هل هي فك الحصار أم وسيلة لإحراج مصر؟

قافلة الضجيج بلا طحين هل هي فك الحصار أم وسيلة لإحراج مصر؟

د. إبراهيم يونس.. نهى عراقي

الشعوب.. سؤال لهذه القافلة التي تسمى قافة الصمود، هل حصلتم على تأشيرة لدخول الأراضي المصرية؟ أم تظنون أنها بلا سيادة أو علبة صلصلة تفتحونها!!

في خضم الفوضى السياسية والإنسانية التي يمر بها العالم العربي وعلى وجه الخصوص “قطاع غزة”.
كيف تُستغل معابر غزة لمحاولة الزج بمصر في أزمة إعلامية وسياسية مكشوفة؟

وعندما تتحول المساعدات الإنسانية إلى وسيلة لخوض حروب نفسية، يجب علينا أن نتساءل: من المستفيد الحقيقي هنا؟

وهل الغاية الحقيقية هي إنقاذ المحاصرين في غزة، أم استدراج مصر إلى دوامة ضغوط إعلامية وسياسية تهدد سيادتها؟ في ظل الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة، وسط كل هذا نشهد تحركات مشبوهة تحت غطاء “قوافل إنسانية”، بينما تتكشف نواياها لكل من يمتلك بصيرة نافذة.

بعد فشل قافلة “مادلين” البحرية ومحاولة التعامل مع الحصار بحريًا، لجأت أطراف مدعومة من تنظيم الإخوان والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى التفكير في قوافل برية، وهو تحول ينطوي على حساسية بالغة.

في بداية الأمر كانت قافلة مساعدات، ثم بعد ذلك تحول الأمر إلى دعوات علنية من نشطاء يطالبون الآلاف من تونس والجزائر السير والانتقال حتى يصلون إلى الحدود الغربية لمصر في نفس توقيت دخول القافلة كي يلتقون جميعاً ويتحركون ناحية معبر رفح.

الوضع الحالي في غزة أكثر من 90% من سكان القطاع نزحوا جنوبًا نحو رفح، في حين يعاني القطاع من أزمة إنسانية شديدة ومجاعة فعلية.

إسرائيل تفرض سيطرتها الكاملة على كافة المعابر وتمنع دخول المساعدات المصرية، وسط انهيار شبه شامل في البنية الصحية والخدماتية.

يأتي هذا في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة من كارثة قادمة دون أن يتحرك المجتمع الدولي بقرارات حاسمة لوقف العدوان.

نأتي هنا يأتي سيناريوهات التوريط الإعلامي لمصر بصرف النظر عن قرار مصر تجاه هذه القوافل، النتيجة واحدة فهي إذا سمحت بدخولها تصبح متهمة بضعف السيادة وعدم القدرة على حماية حدودها.

وإذا رفضتها، تتهم بأنها شريكة في حصار غزة ومعاناتها، في حال وقوع اشتباكات، يتم تصوير الجيش المصري على أنه قمعي أو متخاذل، وإذا تحرك الشعب أو ناشطون، تُتهم الدولة بمنع الحريات.

إذا رفض المصريون دعم القوافل، يتم اتهامهم بعدم التعاطف مع القضية الفلسطينية.

المحصلة واضحة: تشويه صورة مصر داخليًا وخارجيًا، مع تعمد إغفال دور إسرائيل الحقيقي كطرف رئيسي يتحكم في الوضع.

الرسائل الإعلامية الموجهة من الخارج، ترافق هذه القوافل حملات إعلامية ممنهجة ومضللة تقودها قنوات مثل الجزيرة لتسويق القافلة كرمز للحق والإنسانية.

في المقابل يتم تغييب دور إسرائيل تمامًا وتحميل مصر المسؤولية الكاملة، ما يجسد حملة تزييف للوعي العربي والإسلامي. ورغم كل هذا، تشير البيانات الأممية إلى أن مصر قدمت أكثر من 80% من إجمالي مساعدات غزة تاريخيًا، كما فتح معبر رفح لمرات عديدة خلال العدوان الأخير.

لكن العائق الأساسي يظل الجانب الإسرائيلي الذي يرفض السماح بدخول المساعدات عبر الأراضي المصرية. ما يجب إدراكه أن السيادة ليست أمرًا تفاوضيًا، ولن تقبل أي دولة باختراق حدودها تحت أي مسمى. الأزمة الحقيقية لا تكمن عند حدود رفح إنما في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ورفع الحصار المفروض على أهل غزة

الأهداف الخفية وراء القافلة – خلق ضغوط شعبية وسياسية على مصر بفتح المعبر ومساومة سيادتها لقبول خطط تهجير ضمنية لسكان غزة إلى سيناء بحجة الظروف الإنسانية.. فتح الباب أمام الفوضى الأمنية بما يسمح بتسلل عناصر مشبوهة عبر الحدود.

تقويض أو زعزعة علاقة الجيش المصري بشعبه وتشويه دوره الوطني. – الإضرار بدور مصر الإقليمي وتصدير صورة أنها لا تدعم القضية الفلسطينية.

التهديد المباشر للأمن القومي المصري، معبر رفح ليس مجرد ممر إنساني، بل يحمل أهمية سيادية واستراتيجية كبيرة.

السماح بدخول قوافل دون رقابة مشددة قد ينجم عنه تسلل عناصر متطرفة وتجدد حالة عدم الاستقرار الأمني في سيناء.

علاوة على ذلك، فإن مصر قد تجد نفسها مضطرة لمواجهة أزمة إعلامية كبيرة يتم ترتيبها بعناية.

بالنسبة للكيان المحتل، فهو يتابع ويركز مع الرأي العام المصري، ويعي تماماً وعي الشعب المصري، والدليل على وعي المصريين، أن الكثير تحدث وفهم اللعبة وأنها مؤامرة، رغم أن الدولة المصرية لم تعلق حتى الآن.

هناك تساؤلات لماذا مصر فهناك دول أخرى لها حدود مع غزة وأقرب للقافلة الأولى أن تختذل الطريق، فمثلا..

الحدود بين تل ابيب وحدود سوريا 80 كيلومتر
المسافة بين تل ابيب وحدود لبنان140 كيلو
المسافة بين تل ابيب وحدود الأردن 110 كيلو
المسافة بين تل ابيب وحدود مصر الغربية اللي أنتم عاوزين تدخلوا منها حوالي 440 كيلو أوقل بقليل. 

قافلة الصمود تغاضت كل الحدود القريبة لها وذهبت لطريق رأس الرجاء الصالح.
سؤال فضولي كيف لهم فك الحصار والوقوف أمام جيش الاحتلال وهم يعلمون أن المحتل غاشم ولا يرحم أحد، فكيف مصر تتهاون وتفتح لهم معبر رفح؟ 

وكان الآولى أن ينهضوا جميعاَ برا أو بحراً فهو من السهل عليهم وكان يمكنهم أخذ مساعدات إنسانية وتسلمها للهلال الأحمر.

وأخيراً جاء الرد المصري الذي يكبح أي ضجيج أو ضوضاء، نصه كالتالي: 

ترحب جمهورية مصر العربية بالمواقف الدولية والإقليمية، الرسمية والشعبية، الداعمة للحقوق الفلسطينية، والرافضة للحصار والتجويع والانتهاكات الإسرائيلية السافرة والممنهجة بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة. وتؤكد في هذا الصدد استمرار مصر في العمل علي كافة المستويات لإنهاء العدوان علي القطاع، والكارثة الانسانية التي لحقت بأكثر من ٢ مليون من الاشقاء الفلسطينيين.

في هذا السياق، وفي ظل الطلبات والاستفسارات المتعلقة بزيارة وفود أجنبية للمنطقة الحدودية المحاذية لغزة (مدينة العريش ومعبر رفح) خلال الفترة الأخيرة، وذلك للتعبير عن دعم الحقوق الفلسطينية، تُؤكد مصر على ضرورة الحصول علي موافقات مسبقة لإتمام تلك الزيارات. وأن السبيل الوحيد لمواصلة السلطات المصرية النظر في تلك الطلبات هو من خلال اتباع الضوابط التنظيمية والآلية المتبعة منذ بدء الحرب علي غزة، وهي التقدم بطلب رسمي للسفارات المصرية في الخارج، او من خلال الطلبات المقدمة من السفارات الأجنبية بالقاهرة، او ممثلي المنظمات، الي وزارة الخارجية، علماً بأنه سبق وان تم ترتيب العديد من الزيارات لوفود اجنبية، سواءً حكومية او من منظمات حقوقية غير حكومية.

تؤكد مصر أهمية الالتزام بتلك الضوابط التنظيمية التي تم وضعها، وذلك لضمان أمن الوفود الزائرة نتيجة لدقة الأوضاع في تلك المنطقة الحدودية منذ بداية الأزمة في غزة، وتُؤكد في هذا الصدد أنه لن يتم النظر في أي طلبات أو التجاوب مع أي دعوات ترد خارج الإطار المحدد بالضوابط التنظيمية والآلية المتبعة في هذا الخصوص.

كما تؤكد مصر كذلك علي أهمية التزام مواطني كافة الدول بالقوانين والقواعد المنظمة للدخول الي الأراضي المصرية، بما في ذلك الحصول علي التأشيرات او التصاريح المسبقة والمنظمة لذلك. وتشدد مصر علي موقفها الثابت الداعم لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، والرافض للانتهاكات الاسرائيلية الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني، وتؤكد علي اهمية الضغط علي إسرائيل لانهاء الحصار علي القطاع والسماح بالنفاذ الانساني من كافة الطرق والمعابر الاسرائيلية مع القطاع.

قافلة الضجيج بلا طحين هل هي فك الحصار أم وسيلة لإحراج مصر؟
قافلة الضجيج بلا طحين هل هي فك الحصار أم وسيلة لإحراج مصر؟

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب.. كاتبة وشاعرة وقصصية وكاتبة محتوى.. وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى