فتوى عن الجهر بالقراءة في صلاة المسبوق

فتوى عن الجهر بالقراءة في صلاة المسبوق
حرره: أ.د. عطية لاشين استاذ الفقة بالأزهر الشريف
السؤال:
أدرك الإمام في الركعة الثالثة من صلاة العشاء، وعندما سلم الإمام قمت لأصلي ما بقي من صلاتي. فهل أجهر بالقراءة وأقرأ سورة بعد الفاتحة أم لا؟
الإجابة:
الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) [البقرة: 43].
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي ورد عنه في كتب السنة: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرض في بيته وسوقه بخمس وعشرين درجة)، وفي رواية: (سبع وعشرين).
وبعد:
لقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حريصين على إدراك تكبيرة الإحرام خلف إمامهم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد روي عن أحد الصالحين أنه قال: “كانوا يعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم تكبيرة الإحرام، وسبعة إذا فاتتهم صلاة الجماعة”. رضي الله عنهم أجمعين، وحشرنا الله معهم ومع النبيين والصديقين.
الرأي في المسألة:
ورد في المسألة رأيان لأهل العلم على النحو الآتي:
1. الرأي الأول:
يرى أصحابه أن ما أدركه المأموم المسبوق مع الإمام يُعتبر آخر صلاة الإمام (في هذه الحالة: الركعة الثالثة والرابعة). فإذا سلم الإمام، قام المأموم لقضاء ما فاته من صلاته (أي الركعة الأولى والثانية). وبما أن الركعتين المقضيتين هما ركعتا جهر، فإن المأموم يشرع له الجهر بالقراءة فيهما، ويقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن.
الدليل:
استدل أصحاب هذا الرأي بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا) [رواه أصحاب السنن].
2. الرأي الثاني:
يرى أصحابه أن ما أدركه المأموم مع الإمام يُعتبر أول صلاته. فإذا خرج الإمام من صلاته بالتسليم، قام المأموم ليتم ما بقي له من الصلاة (أي الركعة الثالثة والرابعة). وبما أن الركعتين المتبقيتين هما ركعتا إتمام، فلا يشرع له الجهر فيهما، ولا قراءة سورة بعد الفاتحة.
الدليل:
استدل أصحاب هذا الرأي بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) [رواه أصحاب السنن].
الراجح:
الرأي الراجح هو القول بمشروعية الجهر بالقراءة وقراءة سورة بعد الفاتحة؛ لأن الرواية الأولى (وما فاتكم فاقضوا) أقوى وأرجح من حيث عدد الرواة مقارنة بالرواية الثانية.
مع ذلك، ينبغي الإشارة إلى أن المسبوق سواء جهر بالقراءة وقرأ سورة أو لم يفعل، فصلاته صحيحة. وذلك لأن الجهر في محله، وقراءة السورة بعد الفاتحة من هيئات الصلاة، وفوات الهيئة لا يبطل الصلاة.
والله أعلم.
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
