الهند و باكستان صراع يتجدد

الهند و باكستان
صراع يتجدد
أحمد سلامة التهامي
الشعوب.. تجدد الصراع الهندي الباكستاني، و للأسف هذا الصراع قد لا يكون الأخير ، فالصراع الأزلي ما بين الجارتين يعود إلى بداية نشأتهما بعد الاستقلال عن التاج البريطاني حيث انطلقت شرارة الحرب الأولى ما بين الجارتين، إلى أغسطس 1947 من أجل السيطرة على إقليم كشمير الخلاب الواقع في جبال الهيمالايا، واستمر القتال لأشهر، حتى تدخلت الأمم المتحدة لوضع خط لوقف إطلاق النار عام ١٩٤٩، مما ترك لكلا البلدين سيطرة على جزء من الإقليم، ولا يزال كل منهما يطالب بالمنطقة بأكملها.
وفي إطار سعيها للسيطرة على كشمير، عبرت القوات الباكستانية إلى الجزء الهندي من المنطقة المتنازع عليها، عام 1965، ردًا على ذلك شنت الهند توغلًا عسكريًا عبر الحدود، وامتد القتال خارج كشمير إلى العديد من المناطق الحدودية المستقرة، وشهدت معارك ضارية شاركت فيها القوات البرية والجوية.
في عام الـ 1971، خاضت الدولتان المتجاورتان حربهما الثالثة على الجناح الشرقي لباكستان، حيث كانت المجموعات الإقليمية تسعى إلى الاستقلال عن الحكومة الفيدرالية، وقد لقي آلاف الأشخاص حتفهم في الصراع، الذي انتهى بمساعدة الهند للمنطقة على الانفصال، وإنشاء دولة بنغلاديش المستقلة.
واندلعت عام 1999 مواجهة بين البلدين في منطقة كارجيل المرتفعة بعد تسلل قوات باكستانية إلى الجزء الخاضع لإدارة الهند من كشمير، ويعد هذا أول اشتباك منذ حصول كل منهما رسميًا على القدرة على امتلاك أسلحة نووية، مما زاد من مخاطر اندلاع حرب كارثية، وتكبد الجانبان مئات الضحايا قبل أن تستعيد القوات الهندية المنطقة، ويوقف التدخل الدولي القتال.
واقتحم مسلحون عام 2016، قاعدة عسكرية هندية في منطقة أوري في كشمير، وهو ما دفع الهند لتنفيذ ضربات على منصات إطلاق مزعومة لمسلحين إسلاميين في الأراضي الباكستانية، وحينها قالت إسلام آباد إنه لم يكن هناك أي توغل هندي في أراضيها، ولم يكن هناك أي رد انتقامي من قبل القوات الباكستانية.
وفي عام 2019، نفذت الهند ضربات جوية على ما قالت إنه معسكر تدريب للمسلحين بالقرب من بلدة بالاكوت الباكستانية ردا على تفجير سيارة مفخخة في منطقة بولواما بكشمير، وردت باكستان، بشن توغلًا انتقاميًا في المجال الجوي الهندي .
و ها قد بدأ نزاع جديد في إطار سلسلة الصراعات ما بين الجارتين عندما بدأت الهند الهجوم على باكستان ردا على هجوم دموي وقع في 22 أبريل الماضي في بلدة باهالجام السياحية، الواقعة في الجزء الذي تديره الهند من إقليم كشمير. وأسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصاً، معظمهم من السيّاح.
حيث اتهمت السلطات الهندية، مسلحون من باكستان بإطلاق النار على مجموعة من الزوار أثناء تواجدهم في منطقة بايساران، الجبلية يقع على بُعد نحو خمسة كيلومترات من باهالجام. وقال بعض الناجين إن المسلحين “استهدفوا رجالًا من أتباع الديانة الهندوسية بشكل خاص”.
الأمر الذي أدى لاندلاع خامس الحروب بين الجارتين و إن لم يخلى الأمر من حدوث مناوشات كان بعضها قريبًا من حرب شاملة، في حين كان بعضها الآخر محدود النطاق. كان من المتوقع يخوض البلدان حربًا في عام 1955 بعد مواقف شبيهة بالحرب من كلا الجانبين، إلا أن الحرب الشاملة لم تندلع ، و لعل الأساس الديني الذي تم تأسيس الدولتين عليه بعد استقلال شبه القارة الهندية عن الإمبراطورية البريطانية ، حيث تم تأسيس الدولة على أساس أغلبية ديانة السكان حيث تم إنشاء باكستان كدولة مستقلة للمسلمين من المناطق في شرق و غرب شبه القارة الهندية حيث كانت هناك أغلبية مسلمة. و بالمقابل دولة الهند بأغلبيتها الهندوسية في باقي أنحاء شبه القارة الهندية .
و بقيت مشكلة إقليم كشمير المتنازع عليه ما بين الدولتين، وأهمية إقليم كشمير للهند إستراتيجية؛ حيث ترتبط قضية كشمير بتوازن القوى في قارة آسيا، وتوازن القوى بين الهند والصين، أما أهميته لباكستان فجغرافية وسكانية، حيث تنبع أنهار باكستان الثلاثة (السند وجليم وجناب) منه، وتنفتح الحدود بين باكستان والإقليم وهو ما يشكل تهديدًا للأمن القومي الباكستاني في حالة سيطرة الهند عليه، يضاف إلى ذلك أن مصالح الإقليم الاقتصادية وارتباطاته السكانية قوية بباكستان، فالإقليم ليس له ميناء إلا كراتشي الباكستاني، فضلا عن تقارب السكان الديني والعائلي.

صراع يتجدد