ثقافة

المسرح المدرسيّ ودوره الوظيفيّ قراءة في مسرحيّة” حدثَ في السابع من شهر أكتوبر “

المسرح المدرسيّ ودوره الوظيفيّ
قراءة في مسرحيّة” حدثَ في السابع من شهر أكتوبر ” 

بقلم د. زياد العوف

أُسْعِدْتُم أوقاتاً…
يطيب لي بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد في معظَم أقطارنا العربية أنْ أسلّطَ بعض الأضواء على ما يُعرَف عادةً بالمسرح المدرسي، وهو فرع نوعيّ من الفنّ المسرحيّ؛ حيث تغلب عليه الصفة التعليمية والتربويّة إلّا أنّه يحتفظ مع ذلك بجُلِّ الخصائص الفنيّة للعمل المسرحيّ .
وقد وقع اختياري لتحقيق هذا الغرض على مسرحية هادفة ومتميّزة تحمل عنواناً رئيسيّاً هو ” حدثَ في السابع من شهر أكتوبر” وآخرَ فرعيّاً يحدّد طبيعة المسرحية وجمهورها المستهدَف هو “مسرحيّة تعليميّة توعويّة إصلاحيّة لليافعين” .
من المعلوم للجميع أنّ العمل المسرحيّ يتضمّن عنصرين متكاملين، هما:
– نصّ أدبيّ مسرحيّ نوعيّ .
– أداء فنيّ تمثيليّ للنصّ المسرحيّ.
ينطوي النصّ المسرحي على قصّة هادفة يتداولها عدد من الشخصيات في قالب حواريّ شائق يعزّزه صراع دراميّ متصاعد يضفي الحركة والحيوية على المسرحية في إطار بناءٍ فنّيّ متكامل يجمع بين مكوّنات العمل المسرحيّ في سياق زمانيّ ومكانيّ محدّدين.
أمّا الأداء الفنيّ التمثيلي للنصّ المسرحيّ فيتنوّع تنوّعَ المدارس الفنية للمسرح . على أنّ ” الإخراج” الفنيّ للنصّ المسرحي بما يتضمّنه من إدارة
فنيّة للعمل المسرحي على خشبة المسرح بعناصره كلّها، من ممثّلين ومشاهد تصويريّة و( ديكور ) وإضاءة وحركة ومؤثّرات فنيّة متنوّعة، يظلّ هو المحور الأساسيّ لذي لا غنى عنه لتجسيد النصّ المسرحي وتحويله إلى عمل فنيّ يمتلك المقوّمات اللازمة لعرضه في صالة المسرح أمام جمهور المشاهدين.
على أنّ المسرح المدرسيّ المقصود بهذه القراءة يتخذّ من الشكل المسرحيّ وسيلة فنّيّة لتحقيق عدد من الأهداف التعليمية والتربوية التي يُستهدَف بها جمهور المتعلّمين.
لعلّ من أهمّها نقل المعرفة النوعيّة، وغرس وتعزيز عدد من القِيَم الروحية والأخلاقية والوطنية، وتنمية بعض المهارات الخطابية والأدبية .
يأتي ذلك كلّه في إطار تربويّ هادف يقوم على ” مَسرَحة المناهج التعليمية” القابلة لذلك بما يعزّز التعليم التفاعليّ من خلال توظيف الأدوات المسرحية المناسبة بما يحقّق نوعاً من التعليم عن طريق الممارسة .
بالعودة إلى المسرحية المختارة لهذه القراءة “حدثَ في السابع من أكتوبر”
فإنّنا نلاحظ أنّ الكاتبة قد قسّمتها إلى خمسة فصول ينطوي كلّ فصل منها على عدد متفاوت من المشاهد التمثيلية يقوم على أدائها عدد من طلاب المرحلة الثانوية في إحدى المدارس الجزائريّة بإدارة مدرّسة اللغة العربية (الأستاذة زهرة).
تستهلّ المؤلّفة مسرحيّتها بإهداء دالّ خصّت به أحد الشعراء الفلسطينيين وأطفال غزّة وشهداءها الأبرار، وقد جاء فيه:
“………….إلى أطفال غزّة الأنقياء، وإلى أرواح كلّ الشهداء الأبرار بفلسطين العنقاء.
أُهدي هذه المسرحية المكتوبة بصمتٍ متكلِّم ” .
كما مهّدتْ للمسرحية بمدخل يضع القارئ/المُشاهِد في أجواء منصّة المسرح (عناصر الديكور) و (كواليسه) حيث تبرز الاستعدادات الأخيرة لأداء المسرحية والحوارات بشأنها، انتهاءً بنجاح العرض وأغنيته الفلسطينية التراثية.
ممّا جاء في هذا “المدخل” :
” من بعيد يرفرف عالياً القماش المخيّط بالألوان: الأسود، الأبيض، الأخضر، وفوقهم مثلّث أحمر..إنّه العلم الفلسطيني رمز المقاومة والصمود، والوحدة العربية. )
-الأستاذة زهرة: “في توتّر واضح”
هل أنتم مستعدّون يا لؤي؟
-لؤي: “بصرامة وحزم”
ما دمتُ مسؤولاً عن اللجنة التنظيمية لهذا اليوم، فأرجوكِ أستاذة زهرة لاتقلقي..سيكون كلّ شيء تحت السيطرة.
………………………. ……..
-الأستاذة زهرة: “تتنفّس بسرعة”
أرجو أن يمضي النهار كما خطّطنا له، وأنْ أكون جديرة بالثقة التي قدّمها لي مدير المدرسة..”
وجاء في نهاية المدخَل :
” وفي النهاية أدى الأطفال طقوسهم فوق الخشبة….وفي مؤخّرة المسرح تستعدّ فتيات الفرقة الموسيقية لأداء الأغنية الختامية المختارةللمسابقة، وتظهر ( ريّان ) وهي ترتدي ثوباً ورديّاً مطرّزاً بالألوان، وملامح الحزن بادية على وجهها لتنشد بحرارة وأسى:
– يمّا مويل الهوى يمّا مويليَّ
ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيَّ.
…. …………………………
( تُسدَل السَّتارة ببطء ) “
في المشاهد الثلاثة الأولى من المسرحية يوضع المشاهد في الأجواء المدرسية العملية لأحد الفصول الدراسية في إحدى المدارس الثانوية في الجزائر حيث يتحاور بعض الطلاب بشأن أدائهم في بعض الامتحانات قبل أن تدخل الأستاة (زهرة) قاعة الدرس فتحرّض ذاكرتهم وتفكيرهم حول يوم السابع من أكتوبر، حيث تتوالى الإجابات ساردة بعض الأحداث أو الوقائع أو الاكتشافات العلمية التي وقعت في مثل هذا التاريخ إلى أن توفّق (فاتن) في المشهد الرابع في التوصّل إلى الحدث المقصود.
جاء في المشهد الرابع من الفصل الأوّل:
” الأستاذة زهرة: “ملاحظةً انغماس فاتن في التفكير” فاتن، هل من خطب ياعزيزتي؟ تبدين شاردة الذهن
– فاتن: ” همساً” أيُعقل أنّ الأستاذة تقصد تلك الأحداث التي حدثت بقطاع غزّة الأشهر الماضية ؟..كلّا لا أظنّ ذلك…………………………
-الأستاذة زهرة: “وهي تدنو منها”
تكلّمي بصوت مسموع ياعزيزتي، لا داعي للخجل……………..
-فاتن: “بمرارة” القضية التي يعرفها الصغير والكبير، قضية الدفاع عن الحقّ المسلوب، قضية فلسطين ضدّ الكيان الصهيونيّ.
– الأستاذة زهرة: “محاولة أن تضمّها”هل تسمحين لي بمعانقتكِ يا فاتن؟
-فاتن: – متأثّرةً- سأكون سعيدة إن فعلتِ…”
وتمضي فصول ومشاهد المسرحية على هذا المنوال الحواري المشوّق بين الأستاذة زهرة وطلّابها وهي تتناول. بعض القضايا الفكرية والأدبية والأسلوبية من خلال النصوص النثرية والشعرية التي يقوم الطلاب بإعدادها ومن ثمّ قراءتها ومناقشتها في قاعة الدرس، إلى أن تأتي المفاجأة غير المتوقّعة في السطور الأخيرة من المشهد الختامي من الفصل الخامس حيث تكشف الأستاذة زهرة لطلبتها عن الغاية من تكليفهم بإعداد بعض البحوث بما تضمّنته من نصوص أدبية، حيث تقول:
” – اسمعوني كلّكم من فضلكم، الآن وق أنهينا عرض النصوص الشعرية والنثرية، سأصرّح لكم بأمر مهم………..
إنّ الغاية من إلقاء النصوص المختارة ليست فقط من أجل البحث، وإنّما ستقوم مدرستنا بالمشاركة في مسابقة أدبية الشهر القادم، وسيحضر ضيوف شرف من فلسطين الحبيبة، وكلّ ثقة في قدراتكم في فن الإلقاء والكتابة….
والنصر القريب لشعبنا الحرّ في فلسطين.. تحيا فلسطين شامخة. “
( تُسدل السّتارة ببطء)

مسرحية مدرسية تربوية هادفة استطاعت مؤلّفتها (د.حنان معاشو ) أن توظّف عناصرها الموضوعية والفنية بشكل متقَن لعرض وتقديم المعارف التاريخية والأدبية والفنية، وغرس القِيم النبيلة المرتبطة بالقضية الفلسطينية وبكفاح الشعب الفلسطيني البطل ضدّ المحتل الصهيونيّ، بالإضافة إلى العمل على تنمية عدد من المهارات المرتبطة بالبحث والإلقاء التمثيليّ المعبّر، ناهيك عن تقديم الإفادة النوضوعية والمتعة الفنية لقرّاء النص المسرحيّ ومشاهدي عرضه الفني على خشبة المسرح .

*- د.حنان معاشو، حدث في السابع من شهر أكتوبر- مسرحية تعليمية توعويّة إصلاحية- لليافعين، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعيّة، الجزائر، 2025م .

#دكتور_زياد_العوف

نبذة مختصرة عن المؤلّفة بقلمها :
-حنان معاشو كاتبة ومدوّنة جزائرية، متحصّلة على درجة الدكتوراه من جامعة يحي فارس المدية بالجزائر سنة 2023م، في تخصص: أدب جزائري حديث ومعاصر، لها العديد من المنجزات العلمية الأكاديمية، والأدبية الابداعية والفنية، كالمشاركة في الملتقيات الدولية والوطنية، والمساهمة في نشر مقالات أكاديمية، أدبية، نقدية وسياسية في عديد المجلات والجرائد الأسبوعية داخل الوطن وخارجه، مثل جريدة الخبر الجزائرية، الشروق اليومي الجزائرية، مجلة القبس الثقافية الكويتية، مجلة النيل والفرات بجمهورية مصر العربية، مجلة أوتاد الثقافية الصادرة عن مؤسسة الفرقان للطباعة والنشر والتوزيع برعاية جمعية النخبة للأدباء والمثقفين، مجلة غرفة 19 الثقافية الأدبية الاجتماعية.
تحصلت حنان على وسام التميز الابداعي مرتين بجمهورية مصر العربية 2024م، كما تحصلت على وسام القلم الذهبي سنة 2025م من نفس المؤسسة.
تحصلت حنان على درع من وزارة الثقافة والفنون وشهادة تقدير من رئاسة الجمهورية إثر تحصلها على جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب علي معاشي دورة 2024 في فئة المسرح المكتوب.
أصدرت حنان معاشو كتاب “هالات أدبية” مجموعة مقالات في الأدبي، الثقافي، السياسي، الاجتماعي عن دار خيال للنشر والترجمة سنة 2024م، الذي شارك في صالون الجزائر الدولي الكتاب.
لحنان معاشو اهتمامات أخرى في حرفة الكتابة والتدوين:، منها: مسرح أدب الطفل.
أدب الخيال العلمي.

نبذة مختصرة عن المؤلّفة بقلمها :
-حنان معاشو كاتبة ومدوّنة جزائرية، متحصّلة على درجة الدكتوراه من جامعة يحي فارس المدية بالجزائر سنة 2023م، في تخصص: أدب جزائري حديث ومعاصر، لها العديد من المنجزات العلمية الأكاديمية، والأدبية الابداعية والفنية، كالمشاركة في الملتقيات الدولية والوطنية، والمساهمة في نشر مقالات أكاديمية، أدبية، نقدية وسياسية في عديد المجلات والجرائد الأسبوعية داخل الوطن وخارجه، مثل جريدة الخبر الجزائرية، الشروق اليومي الجزائرية، مجلة القبس الثقافية الكويتية، مجلة النيل والفرات بجمهورية مصر العربية، مجلة أوتاد الثقافية الصادرة عن مؤسسة الفرقان للطباعة والنشر والتوزيع برعاية جمعية النخبة للأدباء والمثقفين، مجلة غرفة 19 الثقافية الأدبية الاجتماعية.
 تحصلت حنان على وسام التميز الابداعي مرتين بجمهورية مصر العربية 2024م، كما تحصلت على وسام القلم الذهبي سنة 2025م من نفس المؤسسة.
تحصلت حنان على درع من وزارة الثقافة والفنون وشهادة  تقدير من رئاسة الجمهورية إثر تحصلها على جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب علي معاشي دورة 2024 في فئة المسرح المكتوب. 
أصدرت حنان معاشو كتاب "هالات أدبية" مجموعة مقالات في الأدبي، الثقافي، السياسي، الاجتماعي عن دار خيال للنشر والترجمة سنة 2024م، الذي شارك في صالون الجزائر الدولي الكتاب. 
لحنان معاشو اهتمامات أخرى في حرفة الكتابة والتدوين:، منها: مسرح أدب الطفل. 
أدب الخيال العلمي.

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب.. كاتبة وشاعرة وقصصية وكاتبة محتوى.. وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى