غدر الآباء: القسوة المختبئة خلف واجهة الوالدين

غدر الآباء: القسوة المختبئة خلف واجهة الوالدين
بقلم الإعلامية : نرجس قدا
في مجتمعنا، كلمة «غدر الآباء» تبدو كجريمة لا يُجرؤ أحد على النطق بها، والصورة المثالية للأب تتحول في أذهان الجميع إلى رمز الحماية والحنان والعطاء. لكن الواقع المؤلم الذي نغض الطرف عنه أحيانًا، أن هناك آباء يعاملون أولادهم بقسوة باردة لا تُحتمل، يغدرون بهم بمشاعر قاسية تنهش أعماق النفوس وتحطم براءة الطفولة.
هذا الغدر لا يقل وقعًا عن خيانة الأصدقاء، بل ينبع من أقرب الناس إلى القلب، حيث يُفترض أن يكون الوالد ملاذًا ودعمًا. تترك هذه القسوة جروحاً عميقة يصعب التئامها، وتُحول البيت من ملجأ إلى سجن نفسي يعصف بالأمان الداخلي للطفل.
الحديث عن هذا الموضوع ليس سهلاً، فصمتنا عنه هو الذي يُنمي هذا الألم ويُعمّقه في النفوس. هنا تبدأ حكايات أطفال كبروا على غدر الآباء، يحملون أعباء قلوب ثقيلة بين برودة الوجوه وجفاء الكلمات.
الغدر الأبوي لا يظهر فقط في الكلمات الجارحة أو التجاهل، بل يتعدى ذلك إلى التهديد المستمر، البرد العاطفي، والتحكم القاسي. هذا النوع من القسوة يؤثر على التطور النفسي للطفل، يزرع الخوف في قلبه، ويُضعف ثقته بنفسه وبالآخرين.
عندما يفرض الوالدان القسوة على أبنائهم، يتحول البيت من مكان للأمان إلى مكان يقلق فيه الطفل ويعيش فيه ألم الصمت، مما قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية حادة، كالاكتئاب والقلق وضعف العلاقات الاجتماعية.
تزداد هذه المعاناة إذا رافقها شجار دائم بين الوالدين، مما يزيد الطين بلّة ويترك آثارًا سلبية عميقة على حياة الطفل وسلوكه الأكاديمي والنفسي.
من هنا، يصبح الاعتراف بهذه القسوة والمشاعر المجهولة خطوة ضرورية للخروج من دائرة الألم المتكررة.
في الختام، غدر الآباء هو حقيقة مؤلمة نغفل عنها في كثير من الأحيان، لكنه واقع يعيشه الكثيرون بصمت. لا يصح أن يكون الصمت هو ردنا الوحيد، بل يجب أن نسمع نداء قلوب هؤلاء الأطفال، نُصدّق معاناتهم، ونعمل على بناء أسر تسودها المحبة والاحترام.
لكل طفل حق أن ينمو في حضن دافئ، لا أن يكبر وهو يحمل جراح قسوة جاءت ممن يفترض أن يكونوا ملاذه وأمانه.
