قصة قصيرة.. مازال يعود إليها!
قصة قصيرة.. مازال يعود إليها!
بقلم.. نهى عراقي
الشعوب.. احتلت الذكرى كل حواسه، وها هو نبض الحنين يشعل نار الأشواق من جديد يشم عطرها الفتّان، وتعانقه صورتها في آخر لقاء كان بينهما دون معادٍ، وأخذته الذكرى عندما كان الحبيبان العاشقان في سن الشباب كانت تجمعهما مدرسة ثانوية مشتركة وكان هو بالصف الثالث الثانوي وهي بالصف الثاني، وكانا يختلسان النظرات، ولغة الصمت التي تجيدها الأرواح وتترجمها العيون، حتى جمعت بينهما الظروف واعترف لها بحبه وكانت ولادة ذلك المولود الذي جمع بين قلبيهما وعاشا قصة حب جميلة، وكبر ذاك الحب يومًا بعد يوم وتعلقت به وكأنه الهواء كانت تتنفسه إذ كانا بعد انتهاء اليوم الدراسي يسيران معًا حتى تصل إلى منزلها ولم يلمس يدها أبدًا، كان يشعر أنه يحتضن روحها فهي تحيا بداخله تسكن قلبه وروحه تسكن سواد العيون .
هي كالعطر في حضن الورد، عاش الحبيبان في عالم العشاق ومرت السنوات وقد تخرجا من الجامعة، والتحق هو بعمل فقد كان يجتهد حتى يتسنى له الارتباط بها وبالفعل تقدّم لخطبتها فكانت الدنيا لا تسع فرحتها، أخيرًا سيجتمع الشمل، ولكن لم تعطينا الحياة كل ما نتمناه؛ فقد قوبل طلبه بالرفض فكانت صدمة لهما، بسبب زوجة أبيها التي تركت المنزل؛ لأن الأب وافق عليه لكن زوجة الأب لها رأي آخر تريد أن تزوجها لأخيها؛ كي يفوز أخوها بميراثها الذي ورثته عن أمها أي زيجة مصلحة وليس حبًا فيها، فهي التي عذبتها دائمًا بلا رحمة وهي طفلة، والآن تكسر قلبها وتسرق حلمها لكن الأب رفض أيضًا أخ زوجته وقال : لن تتزوج حتى ممّن تحبه، وهنا يلتقط أحمد أنفاسه ويأخذ نفسًا عميقًا ويعاتب حاله لما لم يوافقها عندما هربت من بيت أهلها، وأتت إليه في ليلة باردة ممطرة كي يتزوجا بعيدًا عن أهلها، وبكت بين يديه ألا يتركها لكنه استمع لصوت عقله، ولم يحكم قلبه ورفض أن يفعل ذلك وقال لها: لابد أن تعود لبيت أبيها؛ فأبوك لا يستحق الفضيحة ونحن في مجتمع لا يرحم، ثم أخذها وأعادها لبيتها قبل أن يشعر أحد، ثم تقدّم لها شاب ظروفه المادية ممتازة ويعمل في بلد عربي، وسوف تسافر معه وافق الأب على ذلك الشاب لكنها عادت إليه ثانية تستغيث به سيجبرونها على الزواج من آخر لكنه كان دائمًا يستمع لصوت العقل وأقنعها أنه لا جدوى مع والدها، ولن يتزوجها دون رضاء والدها، وعادت مرة ثانية ووافقت على الزواج فتم عقد القران وبعد سنة سيتم الزفاف لكنه كان لديها أمل لآخر لحظة، بأن تتزوج حبيبها، فذهبت إليه في بيت أهله، ورنت الجرس ففتحت أخته الباب فوجئت بها وأسرعت أخته إليه؛ لتخبره وكان وقتها يرتدي بدلة لأنه كان يوم خطبته فخلع البدلة كي لا تشعر بشيء وقدمت أخته لها مشروبًا فأخذت رشفة من الكأس ثم سألتها ما هذه الزينة المعلقة على المنزل هل لديكم فرح؟ فردت عليها أخته نعم خطوبة أحمد، فلم تنطق وخرجت مسرعة وهي مصدومة شاردة وكانت آخر مرة يراها، لكنه لم يتم زواجه لأنه كان دائم المقارنة بين حبيبته وخطيبته، وظل ثمانِ سنوات دون زواج وهي لا تعلم؛ لأنها سافرت مع زوجها، ومرت السنون، وتزوج لكنه يتابع أخبارها عن طريق أحد الأقارب، ومازال يعود إليها.