أخبار مصردار الايماندين

فتوى عن تفسير قوله تعالى: “الرحمن علم القرآن” فيما يتعلق بالملائكة

فتوى عن تفسير قوله تعالى: “الرحمن علم القرآن” فيما يتعلق بالملائكة

كتبه الأستاذ الدكتور عطية لاشين

أستاذ الفقه بالأزهر الشريف 

يزعم البعض وهو يفسر قوله تعالى :(قالوا تجعل فيها من يفسد فيها) ان الملايكة علمت ذلك لان الله علمها القرآن فما مدى صحة هذا القول؟.

الحمد لله رب العالمين القائل في الكتاب المبين: “وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون. بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون” (العنكبوت: 48-49). والصلاة والسلام على سيدنا محمد، رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال في كتب السنة: “اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم عليه فقوموا”.

وبعد:

إن الملائكة، بلا شك، لا تعلم إلا ما أعلمها الله عز وجل به، ولا تتقدم على علمه. قال الله تعالى في كتابه الكريم مادحاً ملائكته: “لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون” (الأنبياء: 27). وكذلك قال سبحانه: “وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين”(النمل: 75). فالملائكة لا تعلم الغيب إلا بما يُطلعها الله عليه، كما قال تعالى: “قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله”(النمل: 65).

وبخصوص السؤال المطروح:
إذا كان القول بأن الملائكة تعلمت القرآن قبل نزوله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما يُفهم من قوله تعالى: *”الرحمن علم القرآن” (الرحمن: 1-2)، فإن هذا القول غير صحيح.

فالقرآن نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلّمه الله للبشر عبر الوحي الذي جاء به جبريل عليه السلام. ولم يكن الملائكة يعلمون شيئًا من القرآن قبل نزوله، لأن القرآن كان مكنونًا في “اللوح المحفوظ”، كما قال تعالى: “وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم” (الزخرف: 4). فاللوح المحفوظ هو المكان الذي يحفظ فيه القرآن، ولم يُعلِم الله أحدًا بما فيه إلا بعد إنزال القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم.

مصادر علم الملائكة:

بالنسبة لما قالته الملائكة في قصة خلق آدم عليه السلام: ” أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك” (البقرة: 30)، فإن مصادر علمهم جاءت من عدة احتمالات:

1. إخبار الله لهم: بأنهم علموا عن الفساد المتوقع في الأرض من خلال ما أعلمهم الله به عند قوله: “إني جاعل في الأرض خليفة”.

2. قياساً على حال الجن:  فقد كان الجن يعيشون في الأرض قبل خلق الإنسان وأفسدوا فيها، فسفكوا الدماء، فربما قاست الملائكة حال البشر على حال الجن.

3. علم مسبق من الله: قال بعض العلماء مثل قتادة إن الله قد أعلمهم بما سيحدث عند خلق البشر.

وفي الخلاصة:
لم يكن من مصادر علم الملائكة القرآن ولا تعلّمهم له قبل نزوله، فالقول بأن الملائكة تعلمت القرآن قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم غير صحيح.
القرآن هو كلام الله القديم، وهو محفوظ في اللوح المحفوظ ولم يعلمه أحد إلا بعد أن نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مجلة نجوم مصر 

فتوى عن تفسير قوله تعالى: "الرحمن علم القرآن" فيما يتعلق بالملائكة
الأستاذ الدكتور عطية لاشين استاذ الفقه بالأزهر الشريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى