المساكنة.. هل يعيش العرب قيماً مزيفة؟
المساكنة.. هل يعيش العرب قيماً مزيفة؟
بقلم / سماح علام
تابعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي تصريحات متفرقة لعدد ممن يُحسبون على الفن العربي، يتحدثون فيها عن رأيهم فيما يُعرف بـ المساكنة قبل الزواج، وكيف أنها أمر عادي وتطور طبيعي في العلاقات الإنسانية.
ما أثار انتباهي ليس فقط آراءهم المشوهة، بل الجرأة التي يتحدثون بها، والتي تعكس فقداناً مؤلماً للاتزان بين الحرية والمسؤولية، وغياباً تاماً للبوصلة الأخلاقية التي طالما ميّزت الفن العربي الحقيقي.
بالعودة إلى جوهر الموضوع، هناك سؤال مهم يطرح نفسه .. من المستفيد من الترويج ونشر مثل هذه الظاهرة المشينة داخل مجتمعنا العربي والإسلامي؟ وهل هي نتيجة طبيعية تتولد بين بعض الشباب العربي المغترب فكرياً والمهيأ مسبقاً لأي تغيير تحت مظلة “الحرية”، هؤلاء الشباب الذين يغرقون بين ثقافتين لا يوجد بينهما أي توازن؟ ويغفلون أن مثل هذه الظواهر تنشأ في بيئة تختلف جذرياً في القيم عن قيمنا الأصيلة، حيث تُبنى العلاقات على الميثاق لا التجربة، وعلى المسؤولية لا الرغبة المؤقتة.
المساكنة ليست دعوة إلى التحرر من القيود كما يدعي البعض، بل هي تحرر من الالتزام بكل أشكاله وكسر صارخ لتعاليم الدين ، فبها تتحول العلاقة بين الرجل والمرأة من عهد مقدس إلى اتفاق قابل للانتهاء عند أول خلاف.
وهنا، لابد أن يتحمل الجميع مسؤوليته في وئد مثل هذه الدعوات الشاذة في مهدها، وعدم السماح لها بالتسلل داخل المجتمع، وذلك بإعادة بناء الخطاب الأخلاقي ليكون أكثر وعياً واتساقاً بالواقع، وأكثر قرباً من متطلبات الشباب، لا بالمنع فقط، بل بالتوعية والتفاهم عن طريق الحوار البناء الذي يعيد للحرية معانيها المحمودة، وللإنسانية فطرتها.




