مع تزاحم الحقائق والأكاذيب واختفاء المعاناة خلف صخب الشعارات الفارغة تبقى غزة شاهدا على وجع لا ينتهي

مع تزاحم الحقائق والأكاذيب واختفاء المعاناة خلف صخب الشعارات الفارغة تبقى غزة شاهدا على وجع لا ينتهي
الإعلامية/ نرجس قدا
هنا حيث الجوع يسرق الطفولة والأمل يقاوم اليأس وسط الركام.
إنهم يكذبون يا صديقي. يحدثونك عن النصر والبطولة وعن غدٍ مشرق، بينما غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة في حضن الجوع. هناك في زوايا الركام، طفل صغير يبحث عن قطعة خبز، وأم تزرع قصص الأمل في قلوب أطفالها لتخفف عنهم وطأة الجوع، بعدما فقد الحليب واختفى القمح وصارت المائدة ذكرى حزينة.
هل تعلم ما هو أقسى من الجوع؟ أن ترى عين ابنك تغرق بالحيرة والوجع، يتلوى بين يديك من الألم، وأنت لا تملك سوى عناق عاجز وقلب يتفتت من العجز. يطلبون منهم الصبر، كأن الصبر يطعم الجياع ويملأ البطون الخاوية، وكأن كلمات المواساة تتحول أرغفة وخبزًا يوزع على من فقدوا كل شيء.
غزة لا تموت فقط تحت القصف والصواريخ، بل تتآكل ببطء من خذلان العالم، من صمت الذين شبعوا وناموا خلف الأبواب المغلقة، ونسوا أن خلف الشاشات أطفالًا يتضوّرون جوعًا، وأمهاتٍ يترقبن الغد وبقايا أمل. هناك، كل شيء بات نادرًا: الطعام، الدواء، وحتى الأمل.
تبقى غزة رغم الألم رمزًا للصبر والصمود، لكن حتى الصبر حين يجوع، يحتاج ساندًا ومعينًا. أما نحن، فما زلنا نكتب ونصرخ بالكلمات، ونحاول أن نتذكر أن خلف الأخبار والقصص وجوهًا حقيقية تنزف بصمت… وما زال أطفال غزة يحلمون بقطعة خبز وغدٍ يحمل لهم الحياة.
رسالتي
إلى حكام العرب: التاريخ لا يرحم، ولا الضمير يهدأ أمام وجع غزة وأبنائها. العالم كله اليوم يدعم غزة ويقف إلى جانب شعبها الصامد، فإلى متى ستبقون في هذا النوم العميق؟ مسؤوليتكم أن تفيقوا وتتحركوا من أجل أهلنا هناك، لأن خيبة الأمل فيكم جرح لا يلتئم، وأطفال غزة يستحقون منكم أكثر من الصمت والمواساة الفارغة.
كفى تجاهلًا وصمتًا، فدعمكم هو أقل الواجب، والفرصة ما زالت أمامكم لتكونوا في صف العدالة والحق… فكونوا مع غزة قبل أن يحاسبكم التاريخ ويخذلكم الضمير.